بوضوح ....فائق لحدود البشر  احذروا، الخارقون قادمون!

أول جيل من الأطفال المعدلة جينياً يعيش بيننا. تعرب ليوين تشين عن قلقها تجاه تأثير ذلك على البشرية في مقال بعنوان "للتوضيح ... ما بعد الإنسان".

أن تكون أكثر صحة، وأكثر ذكاءً، وأقوى، وأن تعيش لفترة أطول أو حتى أن تتمتع بقدرات خارقة -من منا لا يريد ذلك؟ فبدءاً من ثيتيس التي غطست ابنها أخيليس في نهر ستيكس حتى يصبح صلباً لا يتأثر بالألم، إلى ملك القرود في الصين الذي سرق وفقًا للأسطورة الخوخ من بستان الإمبراطور السماوي ليصبح خالداً، لدي الإنسان رغبة في أن يصبح كائناً خارقاً، وتظهر هذه الرغبة مراراً وتكراراً في جميع أساطير العالم. وبمساعدة علوم الوراثة والجينات، يقترب الإنسان من تحقيق هذا الحلم الذي راوده منذ زمن بعيد. لقد أثبتت خبرات الماضي أن هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات سريعة، لكي يتم تنظيم النهج المتبع والغير مسئول في هذا المجال العلمي.

حلم بعيد المنال يصبح قريباً في متناول اليد

يُعرف تعديل جينوم الانسان، والذي يورث للأجيال القادمة، بأبحاث السلالة الجرثومية البشرية، والتي تتطرق إلى تغيير الجينات البشرية داخل الخلايا التناسلية، أي في خلايا البويضة أو الحيوانات المنوية. إن التقنية المستخدمة حاليًا والتي تسمى بكريسبر (clustered regularly interspaced short palindromic repeats) قد أثبتت بالفعل جدارتها في معالجة الأمراض من خلال الهندسة الوراثية. ومع ذلك، فإن استخدام هذه التقنية للأغراض التناسلية يحمل العديد من المخاطر، حيث أن معرفتنا ما زالت محدودة فيما يخص كيفية تفاعل كل جين مع الجينات الأخرى مع مرور الوقت، وكيفية تأثير هذا التغيير الجيني على نمو الجنين.

ابحاث تحمل العديد من المخاطر

على الرغم من أن المجتمعات العلمية الدولية لم تتفق على تحريم التدخل في الجينات الوراثية البشرية، إلا أن المعارضة لتلك الممارسات هي الأخرى محدودة إلى حد ما. فعلى سبيل المثال، اصدرت اليابان في شهر سبتمبر الماضي، مبادئ توجيهية تحد نظرياً من أمكانية التدخل الجيني المؤثر على الأجنة البشرية. ومع ذلك، فإن هذه القواعد ليست ملزمة قانونياً، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والصين.

الصين تتبع سياسة الأمر الواقع

أصبحت هناك حاجة ملحة لمناقشة موضوع التدخل في الجينات البشرية مع حلول شهر نوفمبر الماضي، حيث أعلن العالم الصيني هي-جيانكوي أنه قد تدخل في المادة الوراثية لجنينين توأمين من أجل حمايتهما من فيروس نقص المناعة الذي يحمله والدهما. وتعتبر هذه الحالة هي الأولى من نوعها في تاريخ البشرية التي يتم فيها تغيير التركيب الجيني الوراثي لأطفال رضع. فمن أجل تحصين التوأمين ضد فيروس نقص المناعة، قام العالم الصيني باستئصال جين بشري يسمى CCR5. ولكن استئصال هذا الجين قد يكون له تأثير على مستوى ذكاء الطفلين، حيث انه يساعد المخ البشري على التعافي من الجلطات وهو ايضاً ضروري لإتمام الدراسة المدرسية بنجاح.

فُتح صندوق باندورا

انزعجت المجتمعات العلمية في جميع انحاء العالم، وايضاً في الصين من تصرف العالم الصيني هي-جيانكوي، حيث منع من مزاولة البحث العلمي، وانسحب بذلك من الساحة العملية. ومع ذلك فتح تصرفه صندوق باندورا على مصراعيه. والسؤال المطروح حالياً، ما هي العقوبة التي يستحقها هي-جيانكوي في حالة اصابة التوأمين بمرض فريد من نوعه وغير قابل للعلاج، بناءً على تلاعبه بالجينات الوراثية الخاصة بهما.

وماذا عن الهيئة العلمية التي دعمت أبحاثه من خلال التزامها بالصمت منذ البداية؟ وماذا لو أصبح الآن قدوة لزميلاته ولزملائه، وارادوا ان يتبعوا خطى "الدكتور فرانكنشتاين"، ليخلقوا كائنات بشرية معدلة؟ وكيف ستؤثر تلك الكائنات التي تم خلقها على الجينات البشرية المتوارثة؟

نظرًا للوضع القانوني الفضفاض في هذا المجال، ليس بإمكاننا حالياً تقديم أي إجابات لهذه الأسئلة، رغم أهميتها. يجب على الحكومات في جميع أنحاء العالم التوصل إلى قوانين أكثر نضجًا وأكثر صرامة لوضع حد لهذه التجارب البشعة، والتي تعرض مستقبل الجنس البشري برمته للخطر. إن الأمر هنا لا يتعلق بمخاوف غير مبررة تجاه الابتكار العلمي، بل يتعلق بمنع التضحية بحياة البشر واعتبارها خسائر ضرورية في سبيل العلم. باختصار، يجب علينا حماية البشرية من قدوم الخارقين.

"بوضوح ..."

 تكتب ليوين تشين وماكسيميليان بودينبوم ودومينيك أوتيانجا وجيراسيموس بيكاس أسبوعيًا بالتبادل في عمودنا الصحفي تحت عنوان "للتوضيح ...". تدون تشين ملاحظاتها فيما يخص التقدم العلمي في مقال بعنوان "للتوضيح...ما بعد الانسان"، وكيفية تأثيره على حياتنا ومجتمعنا. إن كان ذلك في السيارة أو في المكتب أو في السوبر ماركت.