بوضوح ....فائق لحدود البشر  ماذا سنجني من تكنولوجيا الجيل الخامس؟

الجيل القادم؟ من المفترض أن توفر لنا شبكة الجيل الخامس إنترنت فائق السرعة في هواتفنا الذكية.
الجيل القادم؟ من المفترض أن توفر لنا شبكة الجيل الخامس إنترنت فائق السرعة في هواتفنا الذكية. تصوير (مقطع): روديون كوتسايڤ © أنسپلاش

الميجا والجيجا والتيرا... لقد أصبحت سرعة نقل البيانات الضخمة معيارًا حاسمًا للازدهار وبالتالي للسلام في عالمنا القائم على الحركية.

لقد أصبحت شبكة الجيل الخامس اليوم من المعايير والمؤشرات الحاسمة للطاقة الإبداعية لدى الدول. وإن السبب الحقيقي وراء الحرب التجارية وبرود العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية يعود إلى التنافس على تكنولوجيا الجيل الخامس التي يبدو أنها ستكون سببًا في اندلاع الحرب التكنولوجية الباردة لهذا القرن.  

ما هي تكنولوجيا الجيل الخامس؟

تكنولوجيا الـ 5g، كما يُطلَق عليها، هي خامس جيل من شبكات الإنترنت المحمولة وتهدف إلى رفع سرعة وجودة شبكة الإنترنت على الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة. فشبكة الجيل الخامس توفر وصلات بين ١٠٠ و١٠٠٠ مرة أسرع من الشبكات الحالية وتصل سرعة التحميل فيها إلى ١ جيجابايت/ الثانية تقريبًا.   

ولكن، ما الفائدة التي ستعود علينا من هذه السرعات العالية؟ يمكننا القول بأسلوب مبسط أن هذه السرعات العالية ستغير نمط حياة المستخدمين من الأفراد وتفتح أمام القطاع الصناعي والإدارة الاجتماعية آفاقًا جديدة.
 

ماذا سنجني من شبكة الجيل الخامس؟

 
ستوفر شبكة الجيل الخامس للمستخدمين الأفراد أشكال ترفيه وأنماط حياة جديدة؛ بدءًا من تحميل ومشاهدة الأفلام في وقت واحد باستخدام شبكة الإنترنت المحمولة ووصولًا إلى ألعاب الواقع المدمج/ الواقع الافتراضي التفاعلية التي تمتزج فيها أحداث اللعبة بالواقع، كمطاردة ديناصورات افتراضية في الشوارع على سبيل المثال. ولكن هذا التغيير لن يقتصر على هواتفنا الذكية فقط، بل إن شبكة الجيل الخامس ستضع كل متطلباتنا واحتياجاتنا تحت تصرفنا وفي متناول أيدينا وتدمجها لنا في بيئة ذكية مفصَّلة بحسب احتياجات كل مستخدم تعمل من جهة أخرى على خلق متطلبات جديدة.

وستعمل شبكة الجيل الخامس أيضًا على دمج الاقتصاد والإدارة الاجتماعية في بيئة أو بنية تحتية ذكية من أجل زيادة الانتاج وتعزيز كفاءة النقل والإدارة بشكل ملحوظ. وتعد شبكة الجيل الخامس خطوة هامة نحو مواصلة رقمنة العالم وبالتالي إدارته على نحو أكثر الكفاءة.   

إليكم مثال...

فلنتخيل أن هناك شاحنة تعمل بطريقة آلية وتقوم يوميًا بشحن المواد الخام اللازمة لمصنع أحذية. سيتم احتساب الكميات المطلوبة من جميع المواد باستخدام شكل من أشكال تحليل البيانات الضخمة وهو نظام التحليل في الوقت الفعلي وذلك منعًا للإفراط في الإنتاج ولو في طلبيات الإنترنت المصممة خصيصًا للعملاء. وهذه العملية تتطلَّب وجود شبكة فائقة السرعة تسمح بنقل كميات ضخمة من البيانات بين ملايين الأجهزة والبُنى التحتية الرقمية؛ ما بين الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وأنظمة إدارة المستودعات وأنظمة إدارة النقل الذكية وما إلى ذلك. ولذلك، فإن هذه السرعات الفائقة قد تصبح سببًا في استحداث أشكال جديدة من الاقتصاد والثقافات السياسية والاجتماعية.

لا شيء يخلو من العيوب

يرى البعض أننا ينبغي أن ننتبه إلى مسألة تعزيز شبكات الاتصال العالمية. فإن هؤلاء الذين سينشأون في مثل هذا العالم قد يفرطون في منح الآلات القدرة على التحكُّم الذاتي، بدءًا من المهارات البدنية في التفاعل مع البيئة المحيطة ووصولًا إلى القدرة العاطفية على التعامل مع البشر الحقيقيين. وإن برمجة الآلات على حماية مصالح أصحاب النفوذ والسلطة سيجعله من الصعب على الأفراد التمرُّد عليهم لأنه سيصبح من السهل مراقبة مواقعهم واتصالاتهم بل وتزويرها أيضًا.         

وهو ما سيُعرِّض الاقتصاد وكذلك الحكومات إلى مخاطر أمنية بالغة الخطورة. فقد أثبتت دراسة أجرتها الحكومة الأسترالية في بداية عام ٢٠١٨ أن البلاد التي ستستند إلى شبكة الجيل الخامس ستكون معرَّضة أكثر من غيرها لهجمات وحملات تجسس من الخارج قد تستهدف أية منظومة، بدءًا من إمدادات الكهرباء والمياه ووصولًا إلى إدارة النفايات. وربما تُستَغَل هذه التقنية من قبل القراصنة السياسيين للتلاعب بالانتخابات السياسية أو الرأي العام.
يبدو أن شبكة الجيل الخامس تحمل معها تحديات بقدر ما تحمل معها إمكانات. ونظرًا لأنه لا يمكن إيقاف التقدم التكنولوجي، فإنه ينبغي على العالم أجمع أن يقوم بتحليل وتقييم كافة مخاطر ومشكلات شبكة الجيل الخامس على وجه السرعة وتطوير تدابير فعَّالة وإجراءات مضادة لمواجهة هذه التحديات.

"بوضوح ..."

 تكتب ليوين تشين وماكسيميليان بودينبوم ودومينيك أوتيانجا وجيراسيموس بيكاس أسبوعيًا بالتبادل في عمودنا الصحفي تحت عنوان "للتوضيح ...". تدون تشين ملاحظاتها فيما يخص التقدم العلمي في مقال بعنوان "للتوضيح...ما بعد الانسان"، وكيفية تأثيره على حياتنا ومجتمعنا. إن كان ذلك في السيارة أو في المكتب أو في السوبر ماركت.