عندما يلعب أحفادها أو أولاد أحفادها كرة القدم، تكون الجدة ترود من أشد المشجعين حماساً وسط الجمهور. لكن الأمر الذي يشغل بالها أكثر من نتيجة المباراة، هو الدور الذي يمكن لإستاد كرة القدم لعبه فيما يخص الحفاظ على البيئة والاستدامة. ويبدو أن هناك بالفعل العديد من الطرق التي يمكن لملاعب كرة القدم المساهمة بها. وعلى الأرجح أن هناك العديد من الطرق الإضافية التي يمكن التوصل لها ...
أعزاءي القراء،لحسن الحظ، مخطئ هو من يدعي أن الأخبار اليومية سلبية فقط. لقد كنت سعيدةٌ حقًا في نهاية الشهر الماضي عندما أصبح الدوري الألماني الأول والثاني، أول دوري كرة قدم محترف يعلن عن قائمة معاييره لمزيد من الاستدامة في رياضة كرة القدم.
هل موضوعنا اليوم هو حقاً كرة القدم والاستدامة؟ نعم، هذا صحيح! على الاعتراف أن كرة القدم في الغالب لا تشغل لي بالي إلا في حالة تسديد إحدى حفيدي، آرثر أو ديفيد لهدف في المباراة. حينها فقط يغمرني حماس التشجيع! عليكم رؤيتي حينها في زي التشجيع الخاص بي! أما إذا كنتم أقل اهتمامًا بكرة القدم، ولكن قلبكم لا يزال ينبض من أجل الاستدامة والموضوعات البيئية، فسوف يثيركم موضوع اليوم أكثر مما تتخيلون!
مسؤولية اجتماعية
كرة القدم ليست فقط مجال تجاري قيمته مليارات الدولارات، ولكنها أيضًا الرياضة الأكثر شعبية في ألمانيا والعالم. نتيجة لذلك، تتمتع كرة القدم بنطاق عمل واسع وكبير! ومن المؤكد أن تأثيرات هذه الرياضة الضخمة خطيرة على البيئة أيضًا. في رأيي، كان يجب أن تكون حماية المناخ من أولويات كرة القدم منذ فترة طويلة. لكن لحسن الحظ هناك بعض الأندية التي تبنت منذ فترة مسؤوليتها تجاه هذا الملف. وأطلعني حفيدي ميشي المحب لكرة القدم، أن نادي FC Köln 1 هو من الرواد فيما يخص ملف المناخ، حتى أنه في عام ٢٠٢١ كان أول نادٍ ألماني يحصل على شهادة TÜV للإدارة المستدامة للشركات. فمنذ بعض من الزمن يعمل النادي على أدارة اعماله وفقاً للأهداف العالمية السبعة عشر للتنمية المستدامة، والتي هي ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة حتى عام ٢٠٣٠. ازداد الوعي بالمسؤولية تجاه المناخ أيضًا في أندية أخرى مثل TSG Hoffenheim و VfL Wolfsburg و Borussia Dortmund، وهو النادي المفضل لحفيدي آرثر. فهذه الأندية أصبحت على سبيل المثال تنشر ناتج انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بهم، كنوع من الشفافية والاعتراف بالمسؤولية.ومع ذلك، فإن نادي SC Freiburg هو الرائد المطلق عندما يتعلق الأمر بالاستدامة. ففي وقت مبكر عام ١٩٩٥، تم على سطح أستأد النادي بناء أول نظام لوح لتخزين الطاقة الشمسية في البوندسليجا. لطالما كان الحفاظ على الموارد جزءًا من الحياة اليومية للنادي. وبالإضافة إلى الأنظمة الكهروضوئية هذه، لدى النادي أيضاً محطة توليد طاقة، وبئر عميق، ومباول بدون ماء، وورشة لقطع وتقطيع الأخشاب، عزل حراري جيد، وألواح شمسية لتسخين المياه وغيره من المزيد. إضافة إلى ذلك يتألق ملعب Europa Park الجديد بهندسة معمارية مستدامة. قد يكون من الممتع الذهاب في رحلة إلى هناك مع حفيدي ميشي، لحضور مباراة ما.
ولكن دعونا نعود لما كنت أقوله بدايةً. منذ نهاية مايو ٢٠٢٢، فعلت معايير استدامة إلزامية في لوائح الترخيص السنوية لاندية ال DFL (دوري كرة القدم الألماني، المسؤول عن تنظيم وتسويق كرة القدم الألمانية المحترفة). وهي خطوة مهمة فيما يتعلق بحماية المناخ، حتى ولو أن البعض لديهم الانطباع أن عدم الالتزام بلائحة المعايير والعقوبات المرتبطة بذلك مازالت بالضئيلة. أن عن نفسي سعيدة بالخطوة الأولى هذه تجاه الطريق الصحيح!
ما هي هذه المعايير؟
اعتبارًا من موسم ٢٠٢٣/٢٤، يجب أن تعمل الأندية الألمانية بطريقة أكثر استدامة بيئيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وفقاً ل ٣٩ معيارًا خصص لهذا الغرض. فتتضمن المعايير على سبيل المثال، قياس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بالنادي، ووضع استراتيجية للعمل بشكل مستدام، والالتزام بتوظيف مسؤول عن ملف الاستدامة، وتنفيذ قواعد اللعب النزيه أو مكافحة المنشطاأين تكمن المشكلة؟
هناك الكثير مما يجب فعله للعمل بشكل أكثر استدامة في رياضة كرة القدم. وذلك يتضح بالأخص عندما نذكر أنفسنا أن الملاعب الكبيرة يتم فيها تدفئة تربة الملعب طوال فصل الشتاء. أو أن المحطات التلفزيونية المدفوعة يسعدها أن تضيء الأضواء الكاشفة في الإستاد أثناء النهار للحصول على صورة تلفزيونية أجمل لمشاهدي المباريات عبر الشاشة. وهناك أيضاً ثاني أكسيد الكربون الناتج عن استقلال جمهور المباريات سياراتهم الخاصة للوصول إلى الإستاد.من أين نبدأ إذاً؟
- فيما يخص تنقل الجماهير، يمكن على سبيل المثال، إنشاء حوافز مثل بطاقة نقاط تحفيزية تمنح الجماهير امتيازات ومكافآت كلما تنقلوا إلى المباريات بوسائل النقل العام.- أو استخدام أدوات مائدة قابلة لإعادة الاستخدام في الأندية ومطاعم الإستاد، وهو ما يحدث بالفعل في العديد منها حالياً. حتى أنني قرأت أن أحد الأندية الإنجليزية قد أصبح طوعًا يقتصر على تقديم طعام نباتي لكل من اللاعبين والجمهور. يشرف على الفريق اختصاصي تغذية، وبحسب ما ورد زادت مبيعات المأكولات في الإستاد بشكل كبير نتيجة تحولهم إلى تقديم برغر نباتي.
- المصابيح الكاشفة، المجهزة بألواح إضاءة LED، يمكن أيضاً أن تقلص حجم الطاقة المستهلك في إضاءة الملاعب، ذلك بالمقارنة بمواد الإضاءة التقليدية.
- أما من أجل توفير كميه من المياه المستهلكة في الاعتناء بأرض الملعب، يمكن إنشاء صهاريج لتخزين مياه الأمطار في الملاعب -وهو ما تفعله بالفعل بعض الأندية.
- يطرح زي الفريق إمكانية وفرصة أخرى للعمل باستدامة. نادي بايرن ميونخ على سبيل المثال، يصنع زي فريقه من المخلفات البلاستيكية التي تم انتشالها من البحار. أما الجوارب التي يرتديها اللاعبين فيمكن تصنيعهما من البامبو بدل من الألياف الاصطناعية.
- فيما يتعلق بالعناية بأرض الملعب، يمكن للأندية الاستغناء عن الأسمدة ومبيدات الآفات الصناعية واستخدام جزازة عشب تعمل بالطاقة الشمسية، على سبيل المثال.
- يمكن أيضاً توفير الكهرباء المستهلكة من خلال تركيب الألواح الشمسية على أسطح الأندية أو الملاعب. هذا قيد التنفيذ بالفعل.
- أما السلع التي تنتجها الأندية لمشجعيها ككرات القدم يجب أن تكون مصنوعة بشكل عادل للبيئة والإنسان ويجب أن يقتصر دخل الأندية الاتي من الرعاية الإعلامية على ذلك الآتي من الشركات التي تعمل بشكل مستدام.
يبدو كل هذا سهلاً قولاً، لكن مازال امامنا طريق طويل. لقد قرأت أيضًا أنه سيتم إضافة المزيد من المعايير للوحة أندية دوري كرة القدم الألماني.
عشب صناعي -بدون مواد بلاستيكية
أود أن أخبركم عن شيء مثير للاهتمام رأه حفيدي ميشي بنفسه. فحفيدي محب لكرة القدم منذ الصغر، ولم يكن يشغله في الماضي سوى التدريب ومباريات فريقه المفضل أو لعب كرة القدم مع أصدقائه. ولقد ظل مخلصًا لكرة القدم، حتى أنه كان مؤخرًا في جنوب ميونيخ لحضور مباراة ما والتي رأى خلالها لأول مرة عشب صناعي حديث الصنع في الملعب. بصرف النظر عن أن فريقه خسر المباراة الودية في ذاك اليوم، ألا وأن مشاهدة مباراة تلعب على عشب صناعي تجربة رائعة حقًا. تم في ذلك الملعب الاستغناء عن استخدام الحبيبات البلاستيكية والتي يُشتبه فيها بأضرار التربة الطبيعية عن طريق تحلل تلك الجزيئات البلاستيكية الدقيقة فيها. بدلاً من ذلك، تم في هذه الحالة نسج الفروع الفردية للعشب الصناعي ببعضها البعض، مما أدى أيضًا إلى تقليل الحاجة لاستخدام المواد اللاصقة في تثبيت العشب. وبدلاً من ملء أرضية العشب بحبيبات بلاستيكية تم ملئها بالرمل. فهناك أيضاً إمكانية ملء الأرضية بالرمل، إضافة إلى المطاط أو الفلين. كل هذه الحلول والبدائل المستدامة مثيرة جداً! يسعدني حقاً أن يتم إعادة التفكير والنظر في مدى استدامة رياضة كرة القدم، وذلك نظراً للدور الكبير الذي تستطيع أن تلعبه في توعية المجتمع.كما ترون، هناك دأماً فرصة للعمل على حماية مناخنا مهما كان المجال. لهذا السبب أود أن أنهي رسالتي لكم اليوم بهذا الشعار: تعيش الرياضة!
مع أطيب التحيات الرياضية،
عزيزتكم ترودا
٢٠٢٢ يونيو