الحكي واحد من أقدم الفنون في الثقافة العربية، وطالما ارتبط فن الحكي بالقصص والحكايات التراثية القديمة، سواء كانت حكايات تاريخية أو خيالية.
وقد لعبت شخصية "الجدة" أو "الحبوبة" كما يُطلِق عليها في السودان، دور بارز في نقل الحكايات من جيل إلى آخر، عن طريق حفظ الحكايات وروايتها بأسلوب شيق وممتع.تُناقش لبنى في حكاياتها العديد من الموضوعات المتنوعة حول قضايا التربية، وكيفية التعامل مع مرضى متلازمة داون، والتحديات التي تُواجه المرأة والشباب في السودان، وتعكس حكايتها أيضًا مدى تأثرها بتجربتها الشخصية وتفاعلها مع العديد من الثقافات حول العالم، فقد وُلدت في إنجلترا لعائلة سودانية مهاجرة، وعادت بعد ذلك إلى السودان، وتُقيم الآن في دولة قطر.
حول شغفها بالحكي وإعادة إحياء نموذج "الجدة" أو "الحبوبة" من جديد دار معها هذا الحوار.
الحكي والكتابة كلاهما وسيط فني له أدواته ومهاراته الخاصة، كيف عملتِ على المزج بينهما؟
تمتاز قارتنا السمراء بتكاتف الناس، وبالمشاركة الفاعلة فيما يحدث لأفراد الأسرة الواحدة ومن حولهم، والحكي هو من منتجات هذه البيئة المتكاتفة إن جاز لي التعبير، ولكنه شفاهي، ما فعلته أنني استخدمت الكتابة ووظفتها ليتم تناقل الحكي ليكون مقروءًا.
في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي نعيشه، هل ما زال للحكي جمهوره وحضوره القوي؟
مازال للحكي جمهوره الواسع، ومازال كثير منا يجرون كراسيهم بترقب ليرهفوا أذانهم وينصتوا له، ومازلنا نبحث عن الصورة الخيالية للجدة، التي تجلس ذات مساء لتخبرنا حكايات لها نكهته الخاصة.
هل واجهتك تحديات خلال عملك على كتاب "حكاوي سودانية" وكيف تعاملتِ معها؟
أكثر التحديات ارتبطت بمدى قبول عمل مكتوب باللهجة العامية السودانية ويتم نشره في كتاب مطبوع، وألا يتم المزج بين هذه الحكاوي وبين قصص واقعية تحدث في مكان آخر لشخوص حقيقية، وأتمنى أن أكون نجحت في تطويع اللغة العربية لتحكي اللهجة السودانية بما تحويه من أصوات لغوية متنوعة.
درستِ الصحافة وإدارة الأعمال إلى أي مدى ساعدتك دراستك وعملك الصحفي في مشروع كتابك "حكاوي سودانية"، وماذا عن عملك بالتدريس وأنشطتك المجتمعية، هل هناك ترابط بينها وبين شغفك بالحكايات؟
العمل الصحفي ينمي روح المبادرة لتسليط الضوء على المشكلات دونما خوف؛ متضامنا مع عملي كمدرس جامعي في وقت من الأوقات وجنبا إلى جنب مع دراستي لإدارة الأعمال كانت لبنى التي تحكي وتسمي نفسها "حبوبة" مرادف "جَدّة "، فاللغة العربية التي تعصر خبرات حياتها وتستخلص دروسًا وعبر من الحياة تقدمها في حكايات
وُلدتِ في إنجلترا وعشتِ فترة في السودان والآن تقيمين في دولة قطر كيف انعكس عليك السفر والترحال من مكان لآخر، وكيف ترين علاقة الأنا بالأخر والشرق بالغرب؟
الترحال يمنح النفس حنينًا للبلد الأم لا ينضب، ومحاولة للحفاظ على تقاليد وأشياء صغيرة تذكرني بالوطن، وسعي مستمر لأن أكون وجهًا مشرفًا لوطني، فعندما يُشار إلي يقال هذه سودانية/أفريقية؛ ولكنه في الآن نفسه جعلني لا أرتبط ببلد حقيقة بصورة نفسية مطلقة، أحب الشعوب وثقافاتهم ولكن لدي شعور بأني دومًا على موعد مع الرحيل، ربما زادني صلابة أو قدرة على التغلب على المصاعب وربما زادني في نفس الوقت هشاشة وحنينًا داخليًا.
أحببت بلدة صغيرة سكنت فيها فترة تدعى "استوك اون ترنت" في إنجلترا وأحسستها منزلي ومازلت؛ لذا لن أستطيع أن أخبرك عن علاقة الشرق بالغرب لأنني ببساطة أؤمن بأن البلدان هم الناس؛ فبلدة"استوك اون ترينت" التي أحبها، هي نفسها امتداد بلدة "ناصر الخرطوم" بالسودان التي أعشقها.
في ظل منظومة العولمة وفرض نمط ثقافي عالمي، برأيكِ هل ذلك يهدد خصوصية الثقافات المحلية أم ترين أن منظومة العولمة يمكنها السير سويًا مع الثقافة المحلية؟
أعتقد أنه يمكننا توظيف منظومة العولمة لننشر ثقافاتنا المحلية للآخر ونستقبل منه ثقافته، فالعالم الآن صار قرية صغيرة.
٢٠١٨ يونيو