الصيف لا يعني الحرارة والليالي الطويلة وحسب، بل يعني أيضًا المغامرة والتجارب الجديدة. وهذا ما ينعكس أيضًا في أحدث الأفلام الألمانية.
الحرارة والخمول والليالي الطويلة. العطلات والعلاقات الرومانسية والرغبة في القيام بمغامرة. إنه الصيف. ذلك الوقت من العام الذي تغمر فيه أشعة الشمس ظلال حياتنا اليومية. إنها الأشهر التي تحتفظ لنا بتجارب جديدة كل عام. الصيف هو تلك الأجواء المميزة التي تلتقطها الأفلام السينمائية بشكل مؤثر. وفي الصيف تحديدًا، تنغمس شخصيات الأفلام غالبًا في تجارب جديدة. وقد ازداد في الآونة الأخيرة عدد الافلام التي تحكي عن تلك التجارب.يربط بين أفلام فصل الصيف المعروضة في هذا المقال موضوع رئيسي واحد: البحث عن التخلص من الهموم. قد يؤدي الهروب من مطحنة الحياة اليومية إلى أحداث غير متوقعة، أو قد ينجح الهروب بالفعل. تلعب الصداقات وعلاقات الحب دورًا أكبر كلما كانت الشخصيات أصغر سناً، فكلما تقدمت الشخصيات في السن، يأتي العمل والأسرة ومواجهة الماضي في المقدمة. لكن بصرف النظر عن ذلك، فإن جميع الشخصيات توضح شيئًا واحدًا: إن فصل الصيف هو أفضل وقت لإطلاق العنان للمشاعر والاستسلام لإيقاع الحياة – إنه يجعلك أقرب إلى نفسك والآخرين.
سماء حمراء
يدور الفيلم حول اثنين من شباب الفنانين اللذين تربطهما علاقة صداقة. يغادران سويًا مدينة برلين ويسافران إلى بحر البلطيق حيث الطقس المنعش. يحاول فيليكس استغلال جو الإجازة المثالي للانتهاء من إعداد أوراقه الخاصة ليتقدم إلى الجامعة لدراسة الفنون، في حين ينصب اهتمام ليون الطموح على كتابة روايته. تقيم ناديا أيضًا في بيت العطلات الخاص بعائلة فيليكس، وتفسد، بمعاونة حارس الإنقاذ ديفيد، خطط الصديقين. يقابل ليون كل ما يحدث وكل شخص بقدر كبير من الشك والجدية. وفي النهاية، وعندما يبدو من خلف الحديقة والكثبان الرملية أن ثمة حريق خطير يشتغل في الغابة، ينتهي الشعور بالتخلص من الهموم تمامًا، والذي يصاحب عادة صخب الصيف وضجيجه.ألاسكا
تذهب كيرستين إلى ألاسكا مدفوعة أيضًا بالشعور بالانجذاب إلى المياه. إنه فيلم عن رحلات الطريق، لكنها رحلة تتسم بالرطوبة. تتجول كيرستين وحدها في المنطقة المحيطة ببحيرة مكلنبورج مستخدمة قارب كاياك يتسع لشخصين. تبحث في هذه الرحلة عن نفسها وتلتقي بآخرين يفعلون مثلها. نعرف مع كل حركة من حركات التجديف مزيدًا من المعلومات عن هذه الشخصيات التي تهرب من الماضي، ولكنها تظل تواجه تاريخها باستمرار. صُممت مشاهد الأسطح المائية في مكلنبورج-فوربومرن بمهارة، فهي ليست مجرد تصوير للمناظر الطبيعية، إذ أنها تقدم في الوقت نفسه للمشاهدين مجالًا للتأمل، وتتيح على الجانبين وقتًا للتحرر.لا أحد يبقى مع العجول
تقضي كريستين التي تبلغ من العمر عشرين عامًا فترة الصيف الحارة في منطقة مكلنبورج-فوربومرن، لكنها لا تقضي هذه الفترة وسط الماء، وإنما فوق الأرض. تعيش كريستين مع صديقها في مزرعة والديه، حيث تساعد أحيانًا في رعاية الأبقار والعجول، وبين هذا وذاك، تقضي بعض الوقت في التسكع في الأنحاء. وفي أحد الأيام تلتقي بكلاوس البالغ من العمر 46 عامًا، فيلفت نظرها بشدة، وفجأة تحل أحاسيس الشغف الشديد محل الشعور بالفراغ والملل الصيفي.
يومًا ما سنقول لبعضنا كل شيء
نفس علاقة الحب الصيفية السرية تعيشها ماريا التي تبلغ من العمر 18 عامًا في فيلم "يومًا ما سنقول لبعضنا كل شيء". ترتبط ماريا بعلاقة حب مع هينر، وهو كذلك أكبر سنًا منها. تدور الأحداث في ألمانيا الموحدة في الفترة التي أعقبت التحول بقليل، والمكان هو إحدى قرى منطقة تورينجيا. تعيش ماريا مع صديقها في مزرعة تملكها عائلته. ويبدأ صديقها في الحلم بدراسة الفنون وتحمس لذلك بعد أن قام برحلة إلى مدينة ميونيخ. أما ماريا، فإن الاضطرابات السياسية والفرص الجديدة التي بدأت تلوح في الأفق، مجرد أمور ثانوية في نظرها، فهي لا تشتاق إلا إلى علاقة الحب وممارستها بشكل يتملك منها تمامًا.
ملكة نيندورف
في هذا الفيلم، تحافظ ليا البالغة من العمر عشر سنوات على هدوئها عندما تقرر لأول مرة ألا تذهب إلى معسكر الإجازة، وتقرر قضاء أسابيع الصيف بأكملها في قريتها في براندنبورج. صديقات ليا على عتبة سن المراهقة وتشغلهن اهتمامات جديدة. أما ليا، فهي تبحث عن المغامرة في مكان آخر. إنها تكافح من أجل أن تثبت ذاتها بين مجموعة من الأولاد حتى تتمكن من استكشاف القرية والمنطقة المحيطة بها معهم. يصور فيلم "ملكة نيندورف"، فصل الصيف كوقت فريد من العام لا يشعر فيه المرء بالخمول والحرية فحسب، ولكنه الوقت الذي نخوض فيه أيضًا تجارب ثرية جديدة في الحياة (حياة الطفولة).
شرنقة
في هذا الفيلم تقضي نورا البالغة من العمر أربعة عشر عامًا الصيف في المنزل أيضًا مع أختها الكبرى جولي. تبدو لهما الأسابيع الحارة في برلين قبل وفي أثناء العطلة المدرسية مليئة بالتغييرات، فتفاجأ نور بأول دورة شهرية لها، كما تفاجأ، ولأول مرة، بمشاعر الانجذاب والحب. لقد أعجبت بالفتاة الجديدة في المدرسة التي ترحب دائمًا بمساعدة الآخرين، والتي تتسم تصرفاتها بالهدوء والشجاعة والثقة بالنفس. هذا الفيلم هو أول فيلم روائي طويل للمخرجة ليوني كريبندورف، وفيه توظف تسجيلات الهاتف الذكي الشبيهة بالمذكرات، والموسيقى التصويرية الرائعة بشكل مبتكر لتضفي الحيوية على فصل الصيف في المدينة الكبيرة، كما تصور في نفس الوقت بمهارة شعور الناس بالتخلص من الهموم وهم يقضون أوقات العصر في حمام السباحة المفتوح، هذه الأوقات التي تبدو لهم لا نهائية.
٢٠٢٤ أغسطس