المخيم الصيفي
شهر يوليو/تموز يعني الصيف في كردستان، الصيف بمفهومه الحقيقي فعلاً. فدرجة الحرارة ممكن أن تصل فيه إلى 48 درجة مئوية. وعليه كيف ستقضي العطلة الصيفية فيه كطالب؟ تنام حتى الظهر، ثم تتصفح العالم الرقمي بالهاتف النقال، والمقامرة حتى وقت متأخر من الليل؟ خلاف ذلك كله كان ما يقارب 60 طالبا من كردستان، سافروا في 23 يوليو/تموز من دهوك مرورا بأربيل والسليمانية ليصلوا إلى شقلاوة، من اجل المشاركة في مخيم (مدارس شركاء المستقبل) الصيفي لهذا العام. بالنسبة للمشاركين الشباب من كردستان كانت هذه هي المرة الأولى التي يسافروا فيها لوحدهم ويشاركوا فيها في المخيم. بل انهم حتى لا يدركون تماما ماذا يعني التخييم. أربعة أيام دون إنترنت، دون كهرباء وحتى دون مياه عادية. ولكن في النهاية ينبغي أن يقضي الجميع وقتاً فريداً للغاية.
شقلاوة هي بلدة صغيرة تقع بين جبال سفين وسورك. بينابيعها المائية العديدة وبمناظرها الطبيعية الخلابة تجذب شقلاوة العديد من الناس، وخاصة في فصل الصيف. ولذلك كان لتنوع الطبيعة في جميع أنحاء المدينة سببا كافيا لعقد المخيم الصيفي لهذا العام هناك. وبعد فترة طويلة من التحضيرات والانتظار بشغف وصلت الحافلات من المدن الأخرى في 23 تموز/يوليو الى هناك. تم استقبال الطلبة والمعلمين من قِبل ممثلين لمعهد غوتا وبعض المعلمين والتلاميذ من شقلاوة، والذين شاركوا أيضا في برنامج التخييم وأصبحوا جزءا من المجموعة. وبعد وصول جميع المشاركين كان لابد من كسر الخوف وضبط النفس لدى الشباب، كي يتمكنوا من التعرف على بعضهم البعض. لهذا السبب قاموا بلعبة التعارف أولا. اللعبة، التي ينبغي للمرء أن يخبر خصمه كذبة وحقيقة عن نفسه، بهدف تحقيق أول لقاء تواصلي بين الشباب الحاضرين.
قضى الطلاب ايامهم في شقلاوة موزعين في النهار على مجموعتين اثناء المحاضرة، التي تم إعداد مواضيعها بالتفصيل من قبل كلا المعلمين، السيدة غونا والسيد بيلان. حيث اتفق كلاهما على المواضيع التي ستتناولها المحاضرة، مثل: البيئة، الدراسة الاقليمية، الانترنت وتقديم الشخص لنفسه. وكان التحدي الكبير بالنسبة للمعلمين هو تباين مستويات اللغة بين التلاميذ. فمعرفة الشباب باللغة الألمانية كان متفاوتا بينهم من مدرسة إلى اخرى، ونتيجة لذلك كان لابد من تطوير أسلوب تعليمي يجعل المواضيع أقرب إلى جميع الطلبة المشاركين. ولكن لماذا تم التركيز على هذا النقطة؟ "في محاضراتي قمت بتدريس مواضيع البيئة والدراسة الاقليمية. لأنه ينبغي على التلاميذ معرفة المزيد عن بيئتهم وإدراك المخاطر الناجمة عن التلوث البيئي. إذ أنه فقط من خلال ذلك سيتمكنون من معرفة ما يحتاجون القيام به لحماية الطبيعة." وأوضحت السيدة غونا أنه القصد من وراء محاضرتها هو ان تجعل المانيا أقرب الى التلاميذ من خلال مادة الدراسة الاقليمية.".. وبالنسبة الى السيد بيلان فأن مواضيع محاضرته لا تقل أهمية أيضا: "أن تتمكن من تقديم نفسك بسلاسة واسهاب فهذا بداية جيدة لمن يريد التواصل بلغة اخرى. اما الإنترنت فهو الوسيلة التي يستخدمها الشباب ببراعة بسرعة ودون صعوبات. وعليه لابد من تثقيفهم كمستخدمين للانترنت حول المخاطر المحتملة من ذلك ومعرفتهم بكيفية التصفح بشكل آمن."
كل يوم بعد الظهر يتبادل الطلاب مجاميع ورش العمل بعد الغداء، والتي سجلوا فيها في اليوم الأول. تشتمل تلك الورش على المسرح، الموسيقى، الرقص، فضلا عن التصوير الفوتوغرافي، ويتم القاؤها من قبل مشرفين مختصين. بعد مضي ثلاثة أيام كاملة من التدريب والتسجيل والتصوير تم عرض النتائج في الليلة الاخيرة قبيل مغادرتهم وسط احتفال ختامي كبير. وقد جمع الحفل الختامي تلك جميع المشاركين مرة أخرى مع مدرسيهم وكل المساهمين في اقامة التخييم، حتى كان ذلك حدثا لا ينسى بالنسبة للجميع. أقيم الاحتفال في الهواء الطلق في أمسية صيفية بحق. وتم افتتاحه بعبارات شكر من مدير معهد غوتا السيد توماس كولر. واصفاً الوقت الذي مضى قائلاً: "كانت فرصة فريدة لجميع التلاميذ والتلميذات والمعلمين والمعلمات ولفريق مدارس شركاء المستقبل ليتعرفوا على بعضهم البعض بشكل وثيق وببهجة عالية بعيداً عن اجواء الدراسة التقليدية. بالنسبة لي كان ذلك ممتعاً للغاية وآمل انه كان كذلك للجميع ايضا!"
بعد ذلك قدم المصورون الشباب في ورشة العمل عرضاً للشرائح يتضمن صوراً رائعة التقطوها لتصور طبيعة شقلاوة أوجانبا من علاقات الصداقة التي نشأت بينهم. كما أظهرت ورشة العمل المسرحي العديد من الممثلين الشباب الذين قدموا مشاهد مسرحية عن موضوعي الإنترنت والبيئة بأسلوب كوميدي جعل الجمهور يضحك لأدائهم. وقد قدم معلم الموسيقى السيد توانا مع فرقته مجموعة من الاغاني الكردية على مدى خمسة عشر دقيقة زاوج فيها بين الموسيقى الشبابية والموسيقى الفولكلورية الكردية، لإعتقاده بضرورة تقديم هكذا مزيج. وفي العرض الختامي أبدى الراقصون من فرقة الرقص كم الطاقة والابداع المكنون لديهم، بحيث جعلوا الجمهور يتفاعل معهم ويرقص. كما تولدت لديهم عادة استثنائية على مدى الايام الاربع التي مرت، وهي ان يجتمعوا خارجا بعد الساعة الحادية عشر ليلا ويرقصوا لمدة ساعة تقريبا، الوقت الذي يكون فيه التيار الكهربائي منقطعا. وقد تنوعت رقصاتهم وفقا لتنوع المناطق والمدن الكردية.
على الرغم من أنه في يوم وصولهم لم يعلموا بعد بما سيقابلهم في الايام القادمة، وماذا يعني التخييم بالضبط، ألا ان الوقت هذا أصبح تجربة لا تنسى للتلاميذ والمعلمين والفريق بأكمله. فبالإضافة إلى العديد من الصداقات الجديدة التي نشأت، والتبادل الثقافي بين المدن المختلفة، فضلا عن الموسيقى والرقص ليلا، كان ادراكهم أجمل وهم يشعرون انه مع المجموعة ممكن للفرد ان يحقق تجربة رائعة يحملها معه للابد. لهذا نحن متشوقون إلى مخيم الصيف القادم لمدارس شركاء المستقبل.