تحكي أوتا روجه عن إحدى القرى التي تقع داخل أراضي المستنقعات في الخمسينيات، كما تحكي عن إحدى المزارع في الأيام الحالية وتشرح كيف غير مجرى الأحداث العالمية حياة الناس في الريف. تسرد روجه كل هذا من خلال قصص تقصها عن قريتها وعن أخيها.
أستيقظ منذ بضعة أيام في السادسة صباحًا يوميًا مع الجميع، لأرى وأسمع وأشم وأرى حال المزروعات اليوم في هذه المزرعة التي نشأت فيها. أرتدي ملابس العمل في الحظيرة وأتوجه للخارج، ألاحظ إنني لا أضطر هنا إلى أن أرفع نظري عاليًا حتى أرى السماء، فأنا أعرف فورًا إذا كانت السماء تمطر أو إنها ستمطر قريبًا، كما أعرف اتجاه الريح، فكل هذا يتغلغل فورُا داخل العين والأذن والأنف.
تشتبك أوتا روجه في هذا الكتاب مع حياة الفلاحين والأرض. تكتب عن تاريخ قريتها في السياق العالمي وتتذكر شكل الحياة في الريف في أثناء فترة الخمسينيات مع ملاحظة دقيقة للتغيرات التي طرأت على طرق الزراعة اليوم، إنه كتاب يعرض تاريخ القرية والسياقات التاريخية العالمية وتاريخ الحضارة، وكيف أثر كل هذا في حياة الفلاحين وما زال يؤثر فيها. تقص أوتا روجه عن العمل الشاق والتبعية، عن استيطان المستنقعات وعن الطرق المستخدمة لصرف المياه، كما تحكي عن المطالب التعجيزية للسلطة والموظفين، إنها تحكي عن الفقر والهجرة، كما تحكي أيضًا كيف كان الناس يساندون بعضهم بعضًا ويساعدون بعضهم بعضًا، وكيف كانوا يحتفلون سويًا، كما تصف حماسة الأطفال الصغار الذين يساعدون آباءهم ويتعلمون بهذه الطريقة أنه لا شيء يمكن أن يجعلهم يتحملون العمل إلا أن ينتهوا منه.
ملحوظات أعضاء لجنة التحكيم الألمان وأسباب الاختيار
يوتا پروزن: كانت أوتا روجه طفلة عندما جاءت في عام 1957 إلى هذه القرية في شمال ألمانيا في صحبة أبويها اللاجئين. تسترجع روجه ، والتي تعمل بالصحافة، الماضي، وتتذكر تاريخ إحدى عائلات المزارعين، وهو تاريخ يتداخل مع "كبرى" الأحداث التاريخية التي وقعت في هذا العالم الريفي الصغير: تحكي قصة المزارعين الذين زرعوا أراضي المستنقعات في القرن الثامن عشر وتصل بنا إلى صيف عام 2008 الذي شهد الجفاف الكبير. "حتى الحقول لها تاريخ"، وحتى أساليب الزراعة وحتى حياة الريف التي يغلب عليها الحرمان لها تاريخ. تصف روجه كل هذا في 400 صفحة بأسلوب يجعلنا نتابع القراءة باندهاش وفضول متزايد.
ملحوظات أعضاء لجنة التحكيم المصريين وأسباب الاختيار
كرم يوسف: الريف – تطور الريف – تطور طرق الزراعة – القرية والحياة فيها.
هذا بلا شك كتاب مهم للقاريء العربي، خاصة المصري الذي عمل بالفلاحة منذ قديم الأزل. مع انهيار الريف والزراعة وتخلف الحياة هناك وزحف الريف وقيمه إلى المدينة باعتبارها أفضل من الحياة في الريف. يمكن من خلال الكتاب التعرف على تجربة وحياة المزارعين وتطوير أساليب الزراعة والحياة في الريف من القرن ال 19 حتى أوائل القرن الواحد والعشرين. اعتقد أنها ستكون تجربة مفيدة وممتعة للتعرف عليها سواء للقارئ العام أو المتخصص.
عبير أنور: يعد هذا الكتاب وثيقة تاريخية أنثربولوجية مهمة، حيث يرصد طبيعة حياة الريف ويحكى بأسلوب سردى جذاب تأثير التغيرات العالمية على حياة المزارعين الفقراء.
