تستمتع الطبيعة بالطبيعة،وتهزم الطبيعة الطبيعة، وتهيمن الطبيعة على الطبيعة.
شئون الطبيعة والتصوف/ ديموقريطوس الزائف ( القرن الأول الميلادي)
مرحبًا بكم في مكتبة العناصر، معايشة من الواقع الافتراضي تستكشف الكيمياء الأوروبية للعصور الوسطى. لا يوجد تعريف واحد بسيط للكيمياء التي نشأت وتطورت بأشكال مختلفة ولا ترتبط ببعضها في الهند والصين والعالم العربي وأوروبا. ببساطة ليست الكيمياء سوى شكل من أشكال الفن وممارسة عملية تتعامل مع الطبيعة وتحولاتها. إذ ترجع جذور الكيمياء إلى عصر ما قبل الأدب لتُنقَل المعارف بشأنها من خلال الرموز والأحلام والطقوس ثم المخطوطات لاحقًا.
يُعد الانشغال بالكيمياء اليوم من الأمور الصعبة لأنها تتعارض مع النظرة العلمية للعالم اليوم. تلك النظرة التي تفترض أن المادة والكون ميتان. بينما كانت المادة والكون يُعتبران أحياء أثناء معظم تاريخ البشرية. وكان استخراج المواد الخام وفن تحويلها إلى معادن عملية يُطلَق عليها اسم علم المعادن وهو ما كان يندرج ضمن الممارسات المقدسة. أما اليوم فقد باتت المعادن وأهميتها أمرًا مفروغًا منه. لذا فمن غير المرجح على سبيل المثال أن تعتبر هاتفك الجوال المصنوع من النحاس والتيلوريوم والليثيوم والكوبالت والمنجنيز والتنجستن، جهازًا مقدسًا يرتبط بالكوكب وتاريخه. كما أنك لا تعتقد أيضًا أن مكتبتي التي تعتمد على الإنترنت بكابلاتها المعدنية التي تمتد مئات الملايين من الأميال عبر المحيطات والقارات، هي حضور إلهي.
رأى كيميائي العصور الوسطى هذه الأمور بشكل مغاير. .إذ كان يُعتقد أن تحويل المواد الخام إلى معادن نفيسة باستخدام النار يحاكي التقدم الكوني - من الفوضى البدائية إلى الأشكال الأعلى من الوعي..وفي سعيه الكيميائي إلى كمال هذه المعادن فهو يسعى إلى كماله الخاص .وكان تحريرالمعادن من الحجر الأساسي غير النفيس عملية تضاهي التحرر الروحي للكيميائي نفسه. وكانت الحرية والتنوير وحتى الخلود بمثابة إمكانات حقيقية، لأن تحويل المعادن كان يعني التعاون مع الخالق وتحرير المادة من قوانين الزمن. كما كان التحول الكامل للعالم المادي والروحي يُسمى العمل العظيم.
فلتدخلوا مكتبة العناصر وتعايشوا الثلاث مراحل للتحول في الكيمياء القديمة: نيجريدو (الاسوداد) وألبيدو (البياض) وروبيدو (الاحمرار).