مقيّمة
عليا حمدان ممارسة أداء وباحثة في السياسة الجمالية، الرّقص ونظرية الأداء، تتمحور اهتماماتها البحثية حول السيميائيات الإيقاعية للصورة المستوحاة من فكر جيل دولوز، وأنماط الرقص في التّفكير والسياسية.
منذ العام 2013 قامت بتدريس دورات في نظرية الفن وتاريخ الفن في جامعات مثل الأكاديمية اللّبنانية للفنون الجميلة (ألبا)، الجامعة اللبنانية الأمريكية وجامعة القديس يوسف.
لقد أنتجت مشاريع أداء بدقّة مثل "يوم ما" عام 2012 الذي تم عرضه في بايبود بيروت.
كانت عليا مؤخراً في منطقة كاسيس في فرنسا ضمن مشروع تبادل ثقافي تابع لمؤسسة كمارغو الفنيّة و قريبا ستشارك في مشروع تبادل فنّي ضمن أكاديمية سكلوس سوليتود في شتوتغارت في ألمانيا حيث ستقوم بالبحث والكتابة.
خارج التزامن
دعوة للتأمل في الوضع الحالي للجسد الفاعل
تتسارع وتيرة الأحداث السياسية العنيفة في لبنان حاليا بقسوة شديدة، دافعة الأجساد لتعلق بين حالات من التأخر والتجمد أو التباطؤ في بعض أجزائها، والتشوش، والتردد فيم السبيل إلى الاستراحة والبدء في التفكير. وفي الوقت ذاته، يتسرّب الانهيار الممنهج لجميع البنى التحتية للدولة إلى مقدمة المشهد، معقدا أمور المعيشة الأساسية، وفارضا لتوتر مسعور يفرض الإرهاق كحالة طبيعية للوجود. يعلق الجسد في تشنج، ما بين اندفاعات العنف السياسي الحاد، والتدهور البطيء للظروف المعيشية، ليصير، في ذات الوقت، جامدا ومهتاجا، متأخرا ومضطربا، منكبا على ذاته ومنفجرا. يصبح الجسد خارج التزامن، ويعاني من تسارعات متناقضة، كما في مواجهة الانهيار البطيء للصوامع، والسرعة الجامحة للمبادرات الفردية– رجل يقتحم بنكًا من أجل استعادة مدخراته لدفع تكاليف علاج أب مريض.
يعبر الوضع الحالي للجسد عن أزمة وتحول في النظام الطائفي وأشكاله الزمنية المهيمنة وغير الكرونولوجية ، كما كانت سائدة في السنوات الخمسة عشر الماضية. كما يشير وضع الجسد هذا إلى لحظة تاريخية من الإنعزال المتزايد للأفراد، ويجدون أنفسهم في مواجهة مواقف شبه مستحيلة وحالات شخصية ملحة ومؤخَّرة في نفس الوقت، كأن يعلق الفرد بين الحاجة الملحة إلى علاج أب مريض، والمدخرات عالقة في البنك، ومثلما يفقد الطالب فرصة الالتحاق ببرنامج دراسي كان قد استعد إليه على عجل، بسبب جواز سفر لم يتم تجديده. في مثل هذا السياق، يتسارع الوقت ويتباطأ إلى أقصى الحدود، فتلجأ الأجساد للإرتكان إلى مواقيتها الفردية، وزمانياتها المنفصلة، ما من شأنه استشراف نظم جديدة للرؤية والفعل، والانفتاح على أطوار من الهلوسة، وأشكال متطرفة من الأفعال البطولية، والرؤى الحِلمية البطيئة، والوهج الخاص بالمبادرات الفردية لتحقيق العدالة.
تمثل هذه السلسلة من المحاضرات دعوة للتفكير في الوضع الحالي للجسد الفاعل، مقارنة بأزمنة الحرب وإعادة الإعمار. وتشمل صياغة لمفهوم الفعل في إطار الأنظمة الطائفية، وما يسجّله الجسد من آثار الحرب والانهيار، كما تهدف أيضًا إلى المساهمة في التفكير في مجالات الفنون الأدائية في لحظة تتغير فيها الظروف الجمالية-السياسية لإنتاج الفن في لبنان.