يجد الموسيقي التجريبي والفنان البصري مازن كرباج نفسه في أمام لغة وعالم جديدين إثر انتقاله وعائلته من بيروت إلى برلين. فيقرّر تعلُّم اللغة الألمانية بطريقته الخاصة. أدّت النقاشات بين الفنان ومعهد غوته لبنان إلى اتّفاق على اتّباع أسلوب غير تقليدي لتعلّم اللغة تمثّل في إنشاء قاموس ثلاثي: كل يوم كلمة، 356 يومًا، مع رسوم توضيحية من ابتكار الفنان.
اللغة هي سبيلنا إلى خلق عوالم من المعنى والسكنى فيها. إذ تتأثّر رؤيتنا لهذه العوالم، وحركتنا عبرها وبداخلها، بالطريقة التي نتعلّم بها استخدام اللغة وبالتجارب التي نكتسبها عندما نتعلّم لغة جديدة. يواظب معهد غوته انطلاقًا من هذه الرؤية على إيجاد أساليب ومناهج جديدة لتعلّم اللغة، سواء اتّصلت مباشرة بدورات اللغة الألمانية التي تقدّمها أو بأنشطتها الثقافية. بهذه الروحية، انبثق التعاون بين الفنان المتعدّد مازن كرباج ومعهد غوته لبنان في أواخر العام 2018.
يتضمّن كتاب المفردات (المصوَّر) هذا رسوماتٍ مرتّبةً بحسب تسلسلها الزمني، فيبيّن معنى الكلمة بواسطة الصورة أو الرسم من جهة، والمرادف بالعربية وهي لغة الفنان الأم، من جهة ثانية، بالإضافة إلى المرادف بالإنكليزية باعتبارها اللغة الأكثر شيوعًا في عالمنا اليوم. بذلك، يتحوّل هذا القاموس إلى دفتر مذكّرات يخطّه الفنّان؛ دفتر مذكّرات مفتوحٌ يطلعنا على الجوانب الحميمة من حياة الفنّان اليومية. نتتبّع عبر هذه المذكّرات رحلة مازن كرباج في اكتساب اللغة، كلمةً كلمةً وصفحةً تلو أخرى، فنتعرّف من خلالها على عائلته وأصدقائه وأهوائه وعاداته وأسفاره وحتى آرائه وتوجّهاته السياسية. في المحصّلة، يمكن قراءة الكتاب كسردٍ لتفاصيل من حياة فنانِ شرق أوسطيِ مهاجرِ في ألمانيا.
تغلب الفكاهة على الرسومات وإن كان بعضها حزينًا ومؤثّرًا. ولكن الثابت في هذا العمل هو أن الرسومات قلّما تكتفي بالتعبير عن المفردة بعينها، بل تشاكسها بأسلوب كرباج الساخر المعهود.
يُعتبر كرباج من أبرز وجوه المشهد الفني في مرحلة ما بعد الحروب الأهلية اللبنانية، ويعمل في مجالات متنوّعة من الموسيقى إلى الفنون البصرية والقصص المصوَّرة والمسرح. نُشرت أعماله في أكثر من عشر لغاتٍ وعُرضت في صالاتٍ ومتاحف ومعارض فنيةٍ حول العالم.